mercredi 1 octobre 2014

Image

فرندة و المناطق الاثرية -الجزء الاول -

مغارات ابن خلدون

تزخر منطقة فرندة بتراث ثقافـي وحضـاري هـائل ، إذ يتـواجد بها من الأثار التاريخية النادرة ما يجعلها في صدارة المناطـق الأثرية على المستـوى الوطـني والعالمي كون بعض هـذه المعالم التاريخية(( مدرج على أنه تراث عالمي مثل الجدار ومغارات ابن خلدون من قبل منظمة اليونسكو )) 

وإضافة إلى هذين المعلمين ؛ هناك آثار أخرى لها قيمتهاالتاريخية ومنها : تاوغزوت ، جبـل بوغشوة ، الجدار ، وعيـن الدرهم ، عين سبيبة ، عين شبير وعين مخـرف و وادي برقوق . الامر الذي يؤهل المنطقة أن تكون قطبا سياحيا زمقصدا للسياح من الداخل والخارج 

1 ـ تاوغزوت 

تقع قرية تاوغزوت جنوب شرق مدينة فرندة على بعد حوالي (08) كم 
يتواجد بهـا العديد من الآثار التاريخية منها الآثار الرومانية 
ومغارات ابن خلدون ، وهي القرية التي شيد بها بنو سلامة قلعتهم المنسوبة إليهم .
أ ـ تاغزوت النوميدية :
تشير بعض الدراسات إلى أن قرية تاوغزوت من القرى القديمة التي 
يعود تاريخها إلى العصور الغابرة ، لما تم العثور عليه 
بالمنطقة من الآثار و (( بقايا البناءات وقش الأكواخ التي شيدت 
بالناحية تذكرنا بالبناءات والأكواخ النوميدية المتواجدة بعين 
سلطان " معسكر" التي تحدث عنها لبلونشار La blanchere )) ، 
ساليسـت Salluste) ) في أثناء وصفه للقـرى النوميدية المبنية 
بالقش والتي نادرا ما نعثر فيها على الآجر والقرميد ، وهي 
البناءات نفسها التي نجدهــا بفرندة ، وهي عبارة عن غرف ضيقة
ملتصقة ذات أربعة جدار وساحة صغيرة لا غيـر ، والطرقات بها هي 
الأخرى عشوائية مرتجلة لم يراع في وضعها أي تخطيط ، وعليه فقرية
تاوغزوت قرية نوميدية .
إن لبلونشار يضع بين أيدينا دليلا يتمثل في النقوش المكتوبة ، وهي ذات قيمة إعلامية تاريخية هامة إن الطرقات في القرى المبنية على المرتفعات الصخرية كما هو الحال بالنسبة لتاوغزوت غائبة تماما ، وللتنقل ينبغي أن نمر من ساحة إلى أخرى عن طريق باب صغير وضيق كما هو الحال في القصور بالجنوب ؛ إذ يتعين المرور من 

بستان إلى أخر )) 
ب ـ تاوغزوت الرومانية :
على إثر توغل القوات الرومانية بالمنطقة على عهد سبتيم سفار
( Septime Severe ) ، أقام الوافدون الجدد حصونا منيعـة لرد هجمات قبائل البربر ، وكانت قرية تاوغزوت من ضمـــــــن المناطق التي استهوت هؤلاء فشيدوا بها كما يذكر المؤرخون (( مركزا عسكريا محصنا بجدار يأوي وبصورة دائمة الآلاف من الجنود الرومانيين والإفريقيين المترومانيين )) 
أقام الرومان ومنذ استيلائهم على أجزاء من الجزائر وتوغلهم بالمناطق الداخلية للبلاد ، خط اللميس أو السان (Limes – Sen ) ، وهو عبارة عن مجموعة من الحصون تمتد من الحــدود الشرقية إلى الحدود الغربية للجزائر الحالية ، وتدخل تاوغزوت ضمن هذا الخط حيث يتمثـل دوره في (( مراقبة سهول وادي التات وحماية عين سبيبة ، المدينة المزدهرة التي بلغ تعداد سكانها آنذاك " 20 " ألف نسمة وتتربع على مساحة تزيد عن 
ثلاثين هكتارا )) 
ج ـ تاوغزوت السلامية :
تعرضنا في أثناء حديثنا عن بني سلامة إلى أن القلعة التي أسسها سلامة بن علي بن نصر شيخ بني يدللتن قد شيدت على أنقاض المركز الروماني بالقرية المذكورة ، والتي أصبحت فيما بعد تنتسب إليه وإلى أبنائه الذين توارثوا الحكم من بعده (2) ، إلا أنه لم يبق منها أثر يذكر كونها اندرثت وأقيمت على أطلالها بعد الاستقلال بعض المرافق ذات الطابع الاجتماعي والتربوي . 
تحتل قرية تاوغزوت إذاُ موقعا (( حصينا على شكل نتوء صخري بالحافة الشرقية لهضبة بلاد سبيبة يعرف محليا بكاف الحمام ( 1030 م ) يشرف على منخفض وادي التحت أو حــــوض فرندة )) مما جعلها (( موطن استقرار بشري في مواجهة قبائل الرحل المنتشرة في السهوب العليا الوهرانية ، فهي منطقة انتقال بين مجال الزراعة ونطاق الرعي ونقطة اتصال بين نمط حياة الاستقرار وأسلوب حياة البداوة اللذين كان لهما حضور في نظرة ابن خلدون عن نوعية النشاط الاقتصادي والعلاقات الاجتماعية القائمة على مبدأ العصبية والناتجة عن تبادل المصالح بين المزارعين والبدو ، وبين رؤساء العشائر والحكام المحليين )) 
ومن هنا أصبحت تاوغزوت ومنذ الفتح الإسلامي ملاذا آمنا لقبائل المغرب العربي ، ومنها قبيلة زناتة (( التي كانت في معزل عن الصراع المذهبي والنزاع القبلي بين زعماء زناتة ورؤساء صنهاجة والذي تحول إلى مواجهة حربية شهدتها بلاد المغرب من الاستحواذ على مناطق النفوذ عقب سقوط الدولة الرستمية بتاهرت ( 296 هـ /908 م ) وتحدي الفاطمين في القرن الرابع الهجر( العاشر الميلادي ) لنفوذ الخلافة الأموية بالأندلس ، المعتمد على مناصرة زعماء القبائل الزناتية بالغرب الجزائري بعدها تحولت قلعة بني سلامة أثناء حكم المرابطين ثم الموحدين للمغرب الأوسط ( القرنان 5 و6 هـ ) إلى ملجأ لبعض عشائر زناتة )) ، الأمر الذي جعل من قلعة تاوغزوت (( – فيما بعد – بعيدة عن اهتمام المؤرخين والرحالة والجغرافين الذين كتبوا عن المغرب الأوسط ، فلا نجد لها ذكرا في كتبهم ولم تعرف أخبارها إلا مع استقرار القبائل الهلالية بمناطق السهوب الوهرانية ، وسعي الحكام الزيانيين بتلمسان لاستمالتها والاستعانة بها في صراعهم المرير مع الحفصيين بتونس وبجاية والحكام المرينين بفاس ومراكش في القرن السابع الهجري ، الثالث عشر الميلادي .)) 
ثم أصبحت تاوغزوت فيما بعد موطنا (( لقبيلة توجين المرتبطة بالولاء مع عشائر سويـد الهلالية الأمر الذي سمح لبعض العرب المنقطعين من سويد بالتوجه إليها واتخاذها رباطا يقيمون به قبل أن يتمكن رجال بني يدللتن من توجين من امتلاكها ، وهذا ما شجع زعيمهم الشيخ سلامة بن نصر سلطان على أن يتخذها مقرا له بعد أن اختط بها قلعة لتكون سكنا له فنسبت له وأصبحـــت تعرف بقلعة بني سلامة )) ثم آل أمر القلعة إلى (( ونزمار بن عريف بعد أن اقتطعها له السلطان المريني أبو عنان عند استيلائه على المغرب الأوسط ومحاصرته لمدينة تلمسان ( 753هـ / 1352) ، فاعتنى بها ابنه أبو بكر بن عريف وبنى بها قصره الذي نزل به ابن خلدون ، ولم تبق من آثار هذا القصر اليوم سوى بعض الكتل من الحجارة المتناثرة بعد أن تهدم وهجره سكانه إثر سقوط الدولة الزيانية ( أواسط القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي ) واشتداد الصراع القبلي على المراعي ونقاط المياه ، ولم يعد يدل على قلعة بني سلامة سوى الاسم المحلي الذي أصبحت تعرف به هو" تابراجت" التي تعني الأبراج باللهجة الزناتية ، كما لم تبق من ذكريات إقامة ابن خلدون سوى المغارات التي تذهب بعض الروايات الشفوية لسكان المنطقة إلى أنها كانت مكان خلوة ابن خلدون المفضلة أثناء إقامته بقلعة بني سلامة كما غدت اليوم المكان المفضل للزوار الذين يريدون التعرف على موقع قلعة بني سلامة )) 

2 ـ مغارات ابن خلدون 
غير بعيد من موقع القلعة توجد المغارات المنسوبة إلى العلامة ابن خلدون ، وهي خمس" 05 " مغارات متباينة اللأشكال والأحجام ، لا تبعد عن بعضها البعض إلا بأمتار قليلة ، وليس من السهولة بمكان أن يهتدي إليها الزائر نظرا لانسجامها مع الطبيعة ، وتموقعها بمنحدر صخري صعب المسالك .
تشير بعض المراجع أن نسبة هذه المغارات إلى ابن خلدون يرجع إلى أنه كان يقضي بها معظم وقته وتذهب أخرى إلى القول إنه هو الذي هيأها وأمر بحفرها ومن هؤلاء يانبك شاسان Yannik Chassin الذي يقول : (( كان ابن خلدون يعيش بالمنحدر في اتجاه وادي التات في المغارات التي حفرها في الصخر ، وعددها ثلاث مغارات لا تبعد عن بعضها البعض )) ، من المستبعد أن يكون ابن خلدون قد حفر هذه المغارات ، إذا ما علمنا أن بعض المصادر تشير أن هذه المغارات هيئت قبل مقدم ابن خلدون إلى الناحية بقرون ؛ إذ (( يرجع تاريخها إلى عهد الرومان أو ما قبل ذلك )) وقد كانت هذه المغارات مصدر إلهام لابن خلدون الذي يعد بدون منازع مؤسس علم الاجتماع حيث في ربوع هذه المنطقة ألف العلامة مقدمته المشهورة وشرع في تأليف كتاب العبر
 .

0 commentaires: